BACK       عودة


( جواد الليل )
أحدب نوتردام في طبعة عربية

في الليلة التي تحترق فيها مواسم القمح وتهب العواصف، في هذه الليلة الملعونة ولد الثلاثة، رستم أمير القصر الذي يرث الظلم ويتمرد على والده ويقتله ليحل محله ،سعاد، الفاتنة التي أخفاها والدها عن الأنظار سنوات كثيرة ثم ظهرت لتصبح فاتنة القرية يتصارع على حبها الجميع،وجواد المسخ الأحدب الذي ماتت أمه حين ولادته، واعتبره الأمير دحام والد رسم نذير شؤم على القرية فأمر بقتله، وما كان من والده إلا الطاعة، لكن أحد الرعاة يأخذ الرضيع ويعطيه إلى رب عمله ليعيش مع زوجته التي فقدت وليدها حديثاً، ومن أروقة القصر الكئيبة وأقبيته المظلمة، ومن القرية ودروبها وكهوفها تأتينا قصة الحب والكراهية ، قصة عن صراع الوهم والحقيقة .. "الحياة"زارت مواقع التصوير، مستطلعة مواقع التصوير والعمل في مسلسل "احدب نوتردام " في طبعته العربية التي شاءها الكاتب والمخرج اقتباساً معرباً. تجري الأحداث في سوريا بداية القرن التاسع عشر ، زمن الإحتلال العثماني ، ويحدثنا المخرج باسل الخطيب عن عمله هذا فيقول: "إنها التجربة الأولى مع الكاتب اللبناني أنور تامر. أستوحينا من رواية "احدب نوتردام " الخط العام المرتبط بصراع القبح والجمال ونسجنا مجموعة من الأحداث تدور حول هذه المفاهيم. المسلسل اجتماعي والتاريخ فيه خلفية للأحداث وليس هدفنا توثيق لمرحلة ما .عثرنا في مدينة حلب وريفها على المواقع التي تتمتع بجمالية خاصة وتناسب الفترة التي نتحدث عنها في المسلسل ". يتم التصوير في قلعة سمعان وقرية مكلابيس ، وهي قرية قديمة ومازالت تحافظ على شكلها وطبيعتها حتى هذا اليوم ، ومنطقة شيخ سليمان وهي أثرية وتعتبر كنزاً حضارياً عظيماً .وأخيراً في كنيسة "الشيباني" التي تقع في وسط حلب القديمة وهي من الكنائس القديمة ومازالت صامدة حتى الآن بكامل عظمة بنائها . يعتبر هذا المسلسل استمراراً لمحور الحب والجمال الذي تناوله باسل الخطيب في أعماله، يناقش هذه الموضوعات ضمن إطار متجدد ويقول: "نقدم قصة حب مأساوية، قصة عن صراع الوهم والحقيقة ، في عالم يبدو محكوماً بحقيقة يفرضها الأقوى ، ثمة رغبة بالإنعتاق نحو الحب ، وهي دعوة لنتأمل ما وراء المظهر ،والمسلسل فيه الكثير من الدلالات التي تخدم ذلك . أما على الصعيد الفني فأحاول أن أكمل التجربة المتعلقة بأداء الممثل لنصل إلى المستوى العفوي والتلقائي والصادق، وأسعى إلى تحقيق التوازن بين الكلمة والمعنى والمضمون والشكل الجمالي البصري". يحدثنا المخرج المساعد شامل اميرالاي عن هذه التجربة قائلاً: "هذا عملنا الخامس مع المخرج باسل الخطيب، والتجربة المتواصلة جعلتنا كادراً فنياً،منسجماً نعرف بعضنا في العمل ونتواصل بشكل أفضل ، فنحن متعاونون أثناء التصوير وأعرف كيف يفكر المخرج وكيف يبني الإيقاع وطبيعة المشهد وكيفية تصويره وطبيعة العلاقة مع الممثل ، هذه العلاقة تؤدي الى نجاح العمل ونحن نعول على الانسجام كثيراً".

أما أحداث المسلسل فترتبط برستم "سامر المصري " الذي يحدثنا عن دوره قائلاً: "العب دور المتسلط الأغا المثقف الذي درس قي الأستانة، وهو يقتل أعدائه بيده كي لا يترك أثرا لجريمته ، يتصرف بذكاء للإيقاع بأعدائه والانتقام منهم ..انه دور مركب ومعقد وينتمي إلى الأدوار السلبية" سعاد الفاتنة "نورمان اسعد" تحب نعيم " شادي زيدان " ابن زبال القرية ،وتفضله عن الجميع ، فنعيم يتميز بالصدق والدفء وهو يحبها . يقول شادي زيدان عن دوره :" نعيم يدافع عن سعاد وهو بذلك يدافع عن التفضيل الذي وضعته فيه ،وعن الفاتنة التي اختارته من بين شباب القرية . يهاجر من اجلها ويتحدى المصاعب كي يحافظ عليها وعلى الحب الذي منحته إياه ". الأحدب المسخ، جواد، يتابع سعاد دائماً ويدافع عنها ويحميها ضد شراسة الأغا ، شخصية المسخ جديدة على الشاشة العربية ،وهي مغامرة تمثيلية، ويعتبر المخرج ان :" المغامرة الأساسية في هذا العمل هي شخصية الأحدب التي أقدمها مع أيمن زيدان ،الذي يجسدها باقتدار ،وذكاء ،وصبر، أحاول أن أقدمها معه بشكل جمالي ،هي شخصية جديدة على الدراما العربية ،تتطلب جهداً كبيراً من الممثل كونه يخضع للماكياج حوالي ثلاث ساعات يومياً، لتركيب القناع على الوجه ولوضع الحدبة على ظهره وهذا شاق ، وأيضا يتطلب من الممثل تغيير طبقة صوته وتغيير طريقة المشي والحركات وهذه الصعوبات تولد جهداً نفسياً وحركياً، فالممثل يبقى طوال النهار تحت القناع ومغمضاً إحدى عينيه وهذا من الناحية الطبيعية يخلق نوعاً من عدم التوازن ويسبب الصداع لذلك يحاول أمام هذه العقبات أن يحافظ على الأداء العفوي التلقائي الصادق . إن هذا يندرج ضمن مغامرتي الشخصية، أنافس ذاتي وأغامر كي أصل إلى مشروعي إلى الشكل الأمثل".
( جواد الليل ) يسعى إلى الجمال الحقيقي المتواري خلف وجه جواد، المسخ الهارب إلى الليل، كي لا يراه أحد، رحلة هروب جواد إلى الليل لا تطول كثيراً فضوء الشمس لا يلبث أن يكشف العتمة .

حسان صالح ( جريدة الحياة 21- 5 – 1999 )